"العدالة والتنمية" التركي يدين موقف ماكرون من "إبادة الأرمن" المزعومة

وال-أدان المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" التركي، عمر جليك، إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحديد الرابع والعشرين من أبريل/نيسان "يومًا لإحياء ذكرى إبادة الأرمن" المزعومة.

وفي سلسلة تغريدات نشرها عبر تويتر، شدد جليك على إدانة ورفض القرار "الفاقد لأسس تاريخية وقانونية والمستند إلى مزاعم لا أساس لها بخصوص أحداث وقعت في أراضي الدولة العثمانية عام 1915".

وأضاف المتحدث أنه من الأجدر الوقوف على تاريخ جرائم فرنسا ضد الإنسانية التي ارتكبتها في بنين وبوركينا فاسو والغابون وغينيا والكاميرون وموريتانيا والنيجر والسنغال وتونس وتشاد.

وأوضح جليك أن هذه الخطوة التي اتخذها ماكرون لإرضاء جماعات ضغط سياسية؛ في قضية تتطلب تطوير حوار من قبل مؤرخين وعلماء، من شأنها إعاقة سبل الحوار.

وشدد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أظهر مرارا موقفًا إيجابيا عبر دعواته لفتح الأراشيف وضرورة عمل المؤرخين سويًا، مشيرًا إلى أن تلك الدعوات لم تلق تجاوبًا من الجانب الأرميني بسبب لوبي المصالح المتشدد ضمن الشتات الأرمني الذي يتغذى من ما يدعى "اقتصاد الإبادة الجماعية".

ولفت جليك إلى أن تصريحات ماكرون من شأنها أن تلقي بظلالها على العلاقات بين تركيا وفرنسا.

وأضاف: "في حين أن هناك العديد من القضايا الإقليمية الحساسة التي تتطلب التعاون، لا سيما أزمة الهجرة ومكافحة الإرهاب، يتم خلق دور مانع لاتخاذ خطوات مشتركة".

وأردف:" نوصي السيد ماكرون بالسعي وراء قرارات تركز على اليوم والمستقبل وليس الماضي".

ما الذي حدث في 1915؟

تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين ومن الروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 آيار/ مايو، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى محاكمة وإعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.

الحاجة إلى ذاكرة عادلة والتفهم المتبادل

وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات.

وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح "الإبادة الجماعية" (العرقية)، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف