برّي: لحكومة بمعزل عن إسم رئيسها

وال-تجلّت الأزمة بأبشع صورها في الساعات الأخيرة، وقف فيها لبنان ‏على حافة تطورات غير محمودة النتائج. الصورة التي شاهدها كل ‏اللبنانيين؛ من تحرّكات اختلط فيها السياسي بالمطلبي، إلى حد لم ‏تعد تعرف وجهتها الحقيقية، وقطعٍ غير مبرر للطرقات وشعارات اظهرت ‏البعد المذهبي الكامن لكل اللبنانيين، ناهيك عن الاعتداء على ‏املاكهم وارزاقهم.

هذه الأجواء القاتمة، كان لها انعكاس سلبي في عين التينة. فرئيس المجلس ‏النيابي نبيه بري يقارب الملف الحكومي وتعقيداته بانزعاج ظاهر، معتبراً انّ اسباب ‏التأخير في تشكيل الحكومة غير مبررة على الاطلاق. بما اوحى وكأن الاجتماع ‏الاخير بين الحريري والمعاون السياسي لرئيس المجلس الوزير علي حسن خليل ‏والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين خليل لم يخرج بنتائج ‏ايجابية‎.

وفُهم من كلام رئيس المجلس امام زواره امس، أنّ "هناك اجوبة ما زالت ‏منتظرة". غامزاً في الوقت ذاته من انّ "هناك من لا يزال يرفض التجاوب مع الحل ‏الجاهز، وكأن صاحب هذا الموقف يتعمّد المماطلة ويريد للبنان ان يغرق اكثر في ‏ازمته الراهنة، وهو امر يثير القلق والريبة‎".

واستغرب بري الغياب الحكومي عمّا يجري في البلد في هذه الفترة، متسائلاً، ‏اليس في البلد حكومة تصريف اعمال، وهي ما زالت قائمة، فلماذا هي غائبة وكأن ‏ليس في البلد ازمة، ولماذا لا تجتمع وتواكب ما يجري وتقوم بما هو مطلوب منها ‏واتخاذ ولو الحد الادنى من الخطوات التي تخفف من هذا التوتر؟‎

واذ اكّد بري معارضته لحكومة التكنوقراط، قال: "معالجة الازمة واسبابها تتطلب ‏حكومة تكنو- سياسية‎".

وخلافاً للحماسة الدائمة التي كان يبديها رئيس المجلس حيال تمسّكه بالرئيس ‏سعد الحريري على رأس الحكومة الجديدة، لاحظ زواره تبدلاً في هذا الموقف، ‏حينما اكّد امامهم انّه لم يعد متمسكاً بأي اسم. بل مع من يريد ان يحمي البلد. ‏وقال: "الاسماء ليست مهمة، بل المهم الآن هو ان تتشكّل حكومة تتحمّل ‏المسؤولية وتضع الحلول اللازمة للأزمة، أيًّا يكن رئيسها‎".

واعتبر الرئيس بري انّ ما حصل في وسط بيروت وعلى الطريق بين العاصمة ‏والجنوب مدان بكل المقاييس، حيث تعمّدت لقمة العيش بالدم فسقط الشهيدان ‏حسين شلهوب وسناء الجندي‎.

وعبّر بري عن امتعاض شديد مما حصل على جسر الرينغ، مؤكّداً انّ الشبان ‏الغاضبين الذين نزلوا الى الرينغ ليل امس الاول تحرّكوا بطريقة عفوية وليس بقرار ‏سياسي او حزبي. منبّها الى انّ المرحلة صعبة ولا تتحمّل الغلواء، مبدياً رفضه ‏الدعوات للردّ على الاستفزازات واستخدام القوة لمنع قطع الطرقات، مؤكّداً انّ ‏الدولة، تبقى المرجعية الوحيدة لحماية الناس وحقهم في حرّية التنقل‎.

ولفت بري الى انّ هاجسه الاساس في هذه المرحلة هو تفادي الفتنة، كاشفاً انّ ‏‏"هذا الاعتبار الوطني هو الذي دفعني الى اصدار بيان ساويت فيه بين الدم البريء ‏الذي سال على طريق الجنوب وبين ما حصل على جسر الرينغ ومحيطه". وقال: ‏‏"إن اخطر ما حصل على الأرض لم يكن ما جرى في الرينغ او على طريق الجنوب، ‏وانما هناك فتنة اشد خطورة كان يجري التحضير لها في مكان آخر، ونجحنا في ‏وأدها". ورفض بري كشف المزيد من التفاصيل حولها "حتى لا نساهم في تأجيج ‏النار، في حين اننا نسعى جاهدين الى اطفائها‎".‎