دوكين من بيت الوسط الى قصر الصنوبر: على الحكومة وضع برنامج لتنفيذ "سيدر"

استقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في "بيت الوسط"، المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" السفير بيار دوكين، يرافقه السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، في حضور الوزير السابق الدكتور غطاس خوري وعدد من المستشارين والمعاونين.

وتناول البحث الجهود والخطوات المطلوبة لتنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر".

دوكين
بعد اللقاء، قال دوكين: "خرجت للتو من لقاء مفيد للغاية مع الرئيس الحريري، تركز، بعد أسابيع عدة على تشكيل الحكومة الجديدة، على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر "سيدر"، الذي عقد قبل أحد عشر شهرا. وأذكر أن ما تم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر، هو نوع من العقد بين لبنان، بسلطاته وشعبه، والمجتمع الدولي. وهذا يقوم على ثلاث دعائم: برنامج بنى تحتية مفيد جدا لهذا البلد، التمويل الذي تم التعهد به لهذا البرنامج بقيمة 11 مليار دولار، والإصلاحات اللازمة لتنفيذه".

وأضاف: "على صعيد المشاريع، على الحكومة أن تقوم بالعمل اللازم لتحديد الأولويات لديها. فثمة الكثير من المشاريع التي تم عرضها خلال المؤتمر، وقد مرت فترة طويلة من الوقت، وعليه لا بد من تحديد ما هي المشاريع يجب أن تنفذ في العام الأول، ومن ثم في الثاني، وما هي المشاريع ذات الأولوية القصوى. ومن هنا لا بد من التحديد، وهو أمر طبيعي مع تشكيل الحكومة الجديدة".

وتابع: "وأما على صعيد التمويل، فإن المانحين موجودون، وهم على أتم الجهوزية لمساعدة لبنان في تمويل هذه المشاريع. وهنا أذكر أن الكثير من التمويل أقر من القطاع الخاص، وبخاصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص".

وقال: "على صعيد الإصلاحات، ثمة إصلاحات قطاعية لوضع المشاريع قيد التنفيذ، وإصلاحات تدخل في الاقتصاد الكلي، وهي جوهرية وضرورية. وبتلاقي هذين النوعين من الإصلاح، ثمة إصلاح لقطاع الطاقة، الذي هو مشكلة ضمن الاقتصاد الكلي، والعجز المتراكم على مؤسسة كهرباء لبنان يرخي بثقله على التمويل العام في لبنان. ومن دون كهرباء 24 على 24 ساعة، من الصعب دفع هذا الثمن أو تخيل حصول استثمارات في عدد من قطاعات الحياة الاقتصادية".

وتابع: "البيان الوزاري الذي أقرته الحكومة ووافقت عليه الشريحة الأكبر من البرلمان، يذهب في الاتجاه الصحيح، وهو يقول في وضوح ما يجب فعله، في مختلف المجالات، بتدابير قصيرة الأمد وسليمة وأخرى أكثر ثقلا. والرسالة التي نقلتها إلى الرئيس الحريري، والتي تحدثت في شأنها مع مجتمع المانحين، هي أن لا بد من البدء بالتنفيذ سريعا. لا يمكن بالتأكيد إنجاز كل شيء في الأسابيع القليلة المقبلة، لكن لا بد من تقديم إشارات في هذا الفترة تؤكد ما نراه في البيان الوزاري من إرادة السلطات السياسية اللبنانية بالمضي قدما، ووضع برنامج البنى التحتية قيد التنفيذ، وكذلك الإصلاحات القطاعية وتلك المتعلقة بالاقتصاد الكلي، مع التركيز على أمر مهم جدا بالنسبة إلى المانحين، وهو مكافحة الفساد، التي هي صعوبة أخرى يواجهها البلد".

وختم: "أكد لي الرئيس الحريري نية حكومته ونيته شخصيا المضي قدما وسريعا في مختلف المجالات. هذه ليست مهمة سهلة، لكن لدينا حكومة عمل، وطبقة سياسية توحدت حول هذا البيان الوزاري، والمانحون سيكونون متيقظون لكل ما سيتم القيام به، وهم لا يريدون سوى إقناعهم بحسن سير الأمور، ولا بد من فعل ذلك".

في قصر الصنوبر:

وبعد لقاء الحريري، انتقل دوكين الى قصر الصنوبر ليعقد مؤتمرا صحافيا عند السابعة والربع من مساء اليوم، قال فيه: "نحن على بعد 9 أشهر من مؤتمر سيدر. لقد تشكلت الحكومة منذ نحو شهر، ووضعت بيانها الوزاري منذ أسبوعين. ولذا، كان من الضروري أن أعود وأقوم بجولة أفق مع الحكومة اللبنانية ورئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من الوزراء والجهات المانحة. لقد استخلصت من هذه الزيارة أن هناك توافقا حول مسائل عدة، وأن ما تم الإتفاق عليه في باريس ب6 نيسان لا يزال قائما والخطوات المرافقة المتوقعة من وضع خطة للبنى التحتية موضع التنفيذ. كما أن البرنامج الذي قدمته الحكومة اللبنانية حينها لا يزال صالحا، إضافة إلى التمويل المرتبط بهذا البرنامج، والذي يبلغ 11 مليار دولار والإصلاحات اللازمة على المستوى القطاعي من اجل الحصول على الاستثمارات، فضلا عن الاصلاحات الاقتصادية نظرا للوضع الاقتصادي في البلد".

أضاف: "إن هذا الاتفاق لا يزال ساريا، وترجمته الفعلية نجدها في البيان الوزاري الذي أكد أن سيدر هو من ضمن النقاش العام في لبنان، وهناك اتفاق من قبل القوى السياسية اللبنانية للسير قدما في المجالات التالية: المشاريع والتمويل والإصلاحات".

وأوضح أن "الحكومة لا تملك ترف الانتظار"، لافتا إلى "أن عنوان البيان الوزاري هو: الى العمل"، وقال: "يجب العمل بسرعة، وكل ما تقوم به الحكومة في الأسابيع والأشهر المقبلة على مستوى القرارات التي تؤكد ارادة التقدم الى الأمام نافع وضروري".

وأشار إلى أن "ما يجب القيام به هو تسمية المراكز الشاغرة في الهيئات الناظمة لثلاثة قطاعات، هي: الطاقة والاتصالات والطيران المدني"، وقال: "إن المشاورات حول الأسماء أمر طبيعي في كل الديموقراطيات، فمن دون هذه التسميات، لا يمكن لهذه الهيئات والقطاعات أن تعمل، ولن تكون هناك استثمارات فيها. يجب إعطاء مجلس الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص الوسائل اللازمة للقيام بالعمل الذي يمكنهما من السير بقانون أيلول 2017 المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص".

أضاف: "هناك امور بسيطة يجب القيام بها بسرعة. كما أن هناك امورا أكثر تعقيدا، ومنها اقرار موازنة عام 2019 بسرعة، في نهاية آذار أو أول نيسان. في هذه الموازنة، لا شك هناك قرارات صعبة، وهي واردة في البيان الوزاري، ومنها خفض العجز نحو 1 في المئة. وهناك أيضا عمل يجب القيام به في القطاع العام لجهة عمله وإنتاجيته وموظفيه".

وتطرق إلى قطاع الطاقة"، مؤكدا "وجوب إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان من أجل أن تأتي الكهرباء 24/24 ساعة وأن تكون هناك استثمارات، فمن دون كهرباء من الصعب الاستثمار"، وقال: "من أجل خفض عجز الكهرباء، هناك أمور يجب حلها على المستوين المتوسط والقصير، ومن بينها ان تتلاءم التعرفة مع السعر الحقيقي للكهرباء".

واكد أن ليس صحيحا ان اموال سيدر ذهبت، جازما انها موجودة ولكن ليس للتوزيع او الصرف مجاناً، او بطريقة عشوائية.

وأشار إلى أن "هناك عملا يجب القيام به في ما يتعلق بمكافحة الفساد"، وقال: "لقد أعلنت الحكومة أنها ستعتمد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهذا أمر جيد ويجب أن يتم من خلال أمور تقنية، منها التحول نحو الإدارة الإلكترونية التي تشكل الوسيلة لتخفيف الفساد".

أضاف: "هناك أمور عدة يجب القيام بها، مع العلم بأن ما يخص المانحون فلم يعلن أحد منهم أنه ألغى المبالغ المخصصة للبنان، وقدرها 11 مليار دولار".

واعتبر أن "البرنامج الذي قدمه لبنان وتمت الموافقة عليه في مؤتمر سيدر يتضمن نحو 280 مشروعا، ومن المفيد القول إن هذه المشاريع لن تطلق كلها في الوقت فسه، فالسلطات اللبنانية ستقرر أولوية المشاريع التي ستنفذ".

وتحدث عن "التوازن بين تطبيق المشاريع المهمة والمفيدة للاقتصاد اللبناني، والإصلاحات القطاعية والماكرواقتصادية المرافقة لتنفيذ هذه المشاريع والتمويل من قبل المجموعة الدولية التي تود مساعدة لبنان في تمويل تطوره ونموه في ظروف ملائمة اي ان تنفق المساعدات في المكان المناسب وبطريقة جيدة".

حوار
سئل: هل وجهتم انذارا بانه إذا لم تحصل الإصلاحات خلال شهرين، فإن الأموال ستلغى؟ وماذا عن الضغوط الأميركية على الجهات المانحة من أجل منعها من تقديم الأموال؟
اجاب: "ليس إنذار أبدا لبلد سيد. لقد قلت إن الأمور يجب أن تتم بسرعة خلال ثلاثة أو اربعة اشهر. وليست هناك من فكرة بأن الأمور ستنهار خلال شهرين، لكن البيان الوزاري اعلن أن الحكومة لا تملك ترف الوقت. كما إني لم أسمع بأن الولايات المتحدة الأميركية تضغط على الجهات المانحة.

سئل: طلبتم من الحكومة اللبنانية إرسال إشارات عن رغبتها في إجراء الإصلاحات، فماذا تعنون بذلك؟ وهل تشكون بقدرتها أو بنيتها؟
أجاب: "ليس لدي أي سبب للشك عندما أقرأ البيان الوزاري. وعندما أقول ذلك، أكون أتحدث باسم بلدي، لكن عددا من المانحين لديه شك. وأعتقد أن هناك ضرورة للقيام بخطوات ملموسة في المسائل غير المعقدة، فالوزراء الذين التقيتهم من مختلف الأطياف السياسية هم على هذه الطريق وعلى هذا الخط. هناك ضرورة للاصلاح ليس فقط لإرضاء الجهات المانحة، لكن البلد يعاني ضعفا في النمو والعجز ودينا عاما مرتفعا، ولا يمكنه أن يستمر على هذه الحال".

واعتبر أن "الإصلاحات لا تعني اتخاذ اجراءات مؤلمة"، لافتا إلى أن "هناك الكثير من الأمور السهلة الموجودة في البيان الوزاري يمكن القيام بها في الأمد القصير، وهي اشارات ايجابية للمجموعة الدولية".