موجودات مصرف لبنان وموازناته المنشورة تفضح السياسات الحكومية

وال-في وقت ينتظر اللبنانيون والعالم من الحكومة خطة علمية مدروسة للخروج من الأزمة، تواصل السلطة السياسية سعيها لرمي كرة المسؤولية عن الأزمة المالية والمصرفية على مصرف لبنان والمصارف التجارية حصرا. فبعدما سعت هذه السلطة على مدى أشهر الى التذرع بعدم حصولها من مصرف لبنان على بيان بأرقام الموجودات على رغم أن الحاكم رياض سلامه كان ينقل أدق التفاصيل المتعلقة بهذه الأرقام المنشورة أصلا على الموقع الرسمي لمصرف لبنان، الى المرجعيات السياسية المعنية، إذا بالسياسيين، لا سيما بعدما أقر وزير المال غازي وزني الليلة الماضية بأن الحكومة كانت على معرفة كاملة بالأرقام، ينتقلون اليوم الى الحديث عن عدم امتلاكهم موازنة مصرف لبنان بما فيها من أرباح وخسائر.

وفي معلومات خاصة لـ"المركزية" من مراجع سياسية ومصرفية واسعة الإطلاع، إن آخر ما حمله الحاكم رياض سلامة الى المراجع الرئاسية والحكومية والنيابية عن أرقام موجودات مصرف لبنان يختصر بالآتي:

مجموع الاحتياط بالعملات الأجنبية 30،5 مليار دولار، من ضمنها 8،5 مليار دولار استدانتها المصارف التجارية في الأشهر القليلة الماضية لتغطية حاجاتها من العملات الصعبة. فيكون الصافي النقدي المتوافر 22 مليار دولار.
16 مليار دولار دين على الدولة اللبنانية.
5،5 مليار دولار من اليوروبوندز التي يحملها مصرف لبنان.
15 مليار دولار من احتياطي الذهب.
فيكون مجموع ما يملكه مصرف لبنان 67 مليار دولار. تضاف اليها ممتلكات مصرف لبنان من شركات وعقارات وغيرها...

أما لناحية الموازنات السنوية لمصرف لبنان، فتشير معلومات "المركزية" الى أن هذه الموازنات صدرت وفقا للأصول والقوانين، وتبلغتها وزارة المالية، كما أنها نشرت في الجريدة الرسمية وفقا للآتي:

العدد 4 الصادر في 28/1/2016 وتضمن الموازنات من العام 2006 حتى العام 2014.
العدد 36 تاريخ 14/7/2016 وتضمن موازنة العام 2015
العدد 29 تاريخ 29/6/2017 وتضمن موازنة العام 2016
العدد 29 تاريخ 28/6/2018 وتضمن موازنة العام 2017
العدد 31 تاريخ 20/6/2019 وتضمن موازنة العام 2018
موازنة العام 2019 ستنشر في وقت قريب وقد باتت في عهدة وزارة المال.
وبحسب مصادر مصرفية واسعة الإطلاع فإن كل الموازنات والأرقام تتبلغها تباعا كل الجهات الرئاسية والحكومية والنيابية المعنية، وبالتالي فإن قرار عدم الدفع الذي اتخذته الحكومة وفقا لمسؤولياتها وصلاحياتها، لا علاقة له بالموازنات والأرقام الخاصة بمصرف لبنان، وإنما لاعتبارات على علاقة بالسياسة ولا سيما نهج الحكومة وتوقعاتها الخاصة بقدرتها على تطبيق القوانين المتعلقة بتحصيل الواردات، وليس بالوضع المالي والنقدي لمصرف لبنان.

وتوضح هذه المصادر لـ "المركزية" بأن المشكلة ليست في الحاضر،إنما في المستقبل. فقرار عدم الدفع حفاظا على الموجودات – بحسب تبريرات الحكومة - يحمل في طياته إقرارا واضحا بعدم الرغبة أو القدرة على زيادة الحكومة لمداخيل الدولة من جهة، وبعدم وجود قرار سياسي بتخفيض الإنفاق في شكل جدي من خلال التوقف عن استخدام خزينة الدولة كمصدر لتمويل القوى السياسية والحزبية، وبالتالي فإن الحكومة تريد الاستفادة من الموجودات الحالية لمصرف لبنان خلال السنتين المقبلتين بدل تنفيذ سياسات من شأنها الحفاظ على احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة وتعزيزه، باعتماد سياسات تدخل الدولار وغيره من العملات الصعبة الى لبنان من خلال ضمان الاستقرار السياسي والأمني وتصحيح علاقات لبنان العربية والدولية وغيرها من التدابير الكفيلة بوقف التهريب والقضاء على الاقتصاد الموازي الذي يضعف الخزينة، في مقابل تدعيم الموارد غير الشرعية التي تجبيها وتستفيد منها جهات حزبية معروفة بخروجها عن القانون ومؤسسات الدولة الشرعية والدستورية!