واشنطن لم تلمس بعد جدية في تشكيل حكومة ‏وسلوك مسار الاصلاحات وباريس تشعر بالخيبة

وال-أشارت "الجمهورية" الى انّ اللافت للانتباه في موازاة تعطيل المسار الحكومي، هو إحجام ‏‏"الصديق الخارجي" عن الاقدام على اي خطوة مسهلة. وفي هذا ‏السياق، ابلغت مصادر ديبلوماسية عربية مسؤولين لبنانيين، انها لا ‏تملك ما يؤكد إمكان دخول المملكة العربية السعودية بشكل مباشر ‏على الخط الحكومي، لا حول التكليف ولا حول التأليف".‏
‏ ‏
وفي السياق نفسه، كشف مسؤول كبير لـ"الجمهورية" انّ لبنان، وبعد ‏زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل الى بيروت، لم يتلقّ ‏أي إشارة اميركية لتسهيل تشكيل الحكومة، ما خلا ما نسمعه منهم ‏دائماً من مطالبات بتشكيل حكومة للقيام بإصلاحات. تضاف اليها ‏مآخذ علينا من انّ واشنطن لم تلمس بعد جدية في تشكيل حكومة ‏وسلوك مسار الاصلاحات. واكثر من ذلك، هناك ما يجعلنا نقلق، مع ‏ما يصل إلينا من اخبار عن تحضير لسلّة عقوبات اميركية جديدة تطال ‏‏"حزب الله" وشخصيات حليفة له.‏
‏ ‏
ولفت المسؤول نفسه الى انه "مع اقتراب المساعي الداخلية من ‏نقطة التعثر حول الاتفاق على رئيس الحكومة، يصبح تعويلنا أكبر ‏على دور فرنسي فاعل، وتحديداً من الرئيس ايمانويل ماكرون مع ‏الاميركيين، وكذلك مع المملكة العربية السعودية، وايضاً في اتجاه ‏الحريري وفي اتجاه رئيس الجمهورية وباسيل. بما يُخرجنا من المراوحة ‏في السلبية ويسرّع تشكيل الحكومة.‏
‏ ‏
في هذا الوقت، كشفت معلومات لـ"الجمهورية"، نقلاً عن مصادر ‏ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، انّ باريس تشعر بخيبة من عدم ‏تجاوب الاطراف اللبنانيين مع النصائح التي أسداها الرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون لهم خلال لقائه معهم في قصر الصنوبر. واذا كانت ‏زيارة الرئيس الفرنسي ما زالت مقررة الى بيروت مطلع الشهر المقبل، ‏الّا انّ كل الاحتمالات واردة حولها.‏
‏ ‏
وأشارت المصادر الى "انّ باريس مستاءة من قيام بعض الاطراف ‏اللبنانيين بتحركات خارجية لتعطيل تأليف الحكومة وقطع الطريق ‏على الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، علماً انّ ادارة الرئيس ‏ماكرون، مثل كثير من اللبنانيين، ترى انّ مصلحة لبنان تكمن في عودة ‏الحريري الى رئاسة الحكومة. وهي في هذا المجال تقدّر الجهد الذي ‏يبذله رئيس مجلس النواب نبيه بري، وما زالت تشجّعه على الاستمرار ‏في جهوده".‏
‏ ‏
وعكست المصادر "استغراباً فرنسياً لحال التخبّط السائد ودخول ‏الاطراف في لعبة الشروط والشروط المضادة، التي تغلق الباب أمام ‏أي انفراج للوضع اللبناني، وهذه اشارة تدل الى انّ هذه الاطراف لم ‏تستفد من التجارب المأساوية المريرة التي مرّت على لبنان، إضافة ‏الى تفجّر الازمات الاقتصادية والمالية فيه، يضاف اليها النتائج الرهيبة ‏لانفجار مرفأ بيروت".‏
‏ ‏
وقالت المصادر: انّ الفرنسيين يشعرون بقلق كبير جداً على مصير ‏لبنان، وهذا يوجب توافق اللبنانيين سريعاً على سُبل الحلول والمخارج ‏قبل فوات الاوان. وهم يؤكدون، في الوقت نفسه، انّ باريس وكل ‏العالم وكل اصدقاء لبنان متضامنون معه وعلى استعداد لمساعدته، ‏وهذه المساعدة متوقفة على اللبنانيين، والمبادرة الى خطوات توحي ‏بالثقة بهم، وفي هذا الظرف المصيري الذي يمر به لبنان، لا بد من ان ‏يتخذ السياسيون قرارات ومبادرات بحجم خطورة التحدي والمصاعب ‏الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يواجهونها، مع التأكيد على انّ ‏أي عودة الى الوراء على المستوى السياسي، والاستمرار على ذات ‏المنحى الذي قاد الى الأزمة في لبنان، يؤديان الى إحجام المجتمع ‏الدولي عن تقديم اي شكل من أشكال المساعدة".‏
‏ ‏
ولفتت المصادر الديبلوماسية من باريس الى "انّ اللبنانيين امام ‏فرصة اخيرة، فإمّا يمكنهم المساهمة في انزلاق بلدهم الى القعر أو ‏المشاركة في الدفع به صعوداً نحو الخروج من الأزمة، حتى ولو ‏استلزم ذلك بعض الوقت، والشرط الاساس لهذا الصعود يكمن في ‏تشكيل حكومة تعبّر عن الشريحة الواسعة من اللبنانيين. وتتولى تنفيذ ‏برنامج إنقاذ جدي وتلتزم إجراء إصلاحات في مختلف القطاعات وتعزيز ‏استقلالية القضاء بعيداً عن التدخلات السياسية.‏