كورونا يزداد شراسة: كيف قتل الفيروس طفلة صحتها جيدة؟

وال-هي ليس الحالة الأولى التي يؤدي بها كورونا إلى وفاة طفل رضيع في لبنان، كما حصل يوم أمس بوفاة طفلة لم تكمل سنتها الأولى بعد. فقد سبق وتوفي ثلاثة أطفال، كانوا يعانون من أمراضٍ مثل تشوه في القلب ونقص المناعة. لكن وفاة هذه الطفلة، البالغة من العمر11 شهراً، في مستشفى الحريري هي الحالة الأولى في لبنان لطفل صحته جيدة.

الأعراض الخطرة
في متابعة لوفاة هذه الطفلة الرضيعة، تواصلت "المدن" مع الدكتور عماد شكر، رئيس دائرة طب الأطفال في مستشفى الحريري، الذي تابع وضع الطفلة بعدما نقلت إلى المستشفى. وأكد شكر ما هو مؤكد عالمياً، بأن الأطفال يصابون بكورونا. لكن عددهم ونسبتهم أقل بكثير من الكبار، وهذا يسري على لبنان.
وأضاف: على مستوى العدد، فإن عدد الكبار الذين يحتاجون للعناية الفائقة أكثر بكثير من الصغار. لكن على مستوى النسب فهي متقاربة بينهم في لبنان. بمعنى آخر، قياساً بعدد الأطفال الذين يصابون بكورونا، فإن نسب الذين يصابون منهم بأعراض خطرة، توازي نسب الكبار الذين يعانون من أعراض مماثلة، كما قال شكر.

لا سوابق مرضية
وعن حالة هذه الطفلة، أكد شكر أنه لم يكن في سجلها الصحي أي سوابق مرضية. وحسب ما شرح الأهل فأنها بصحة جيدة. ولم تدخل إلى أي مستشفى من قبل. وتلقت كل اللقاحات، ونموها الجسدي والعقلي جيد. ولو كان لديها أي مرض مزمن لظهرت عليها أعراض معينة. لذا، أمام كل هذه المعطيات، الاستنتاج يقول أن الطفلة كانت بصحة جيدة، قبل الإصابة بكورونا.

وفي التفاصيل، تبين أن الطفلة أصيبت بكورونا أسوة بالأم والأب. وبدأت الأعراض تظهر عليها قبل الدخول إلى مستشفى الحريري بأربعة أيام. وفي منزلها تلقت الطفلة علاجات من طبيب الأطفال الخاص بها، بأدوية للسعال وكورتيزون وغيرها. لكن من دون إجراء فحوص معينة لها. ولم يتحسن وضعها بالدواء بعد يومين من العلاج، وبدأت تتعب جسدياً. لذا نقلها الأهل إلى طوارئ أحد المستشفيات، حيث وضعت على الأوكسيجين لنحو ساعتين، ولم يتم إدخالها إلى قسم العناية الفائقة. بل نقلها أهلها إلى مستشفى الحريري بسيارتهم الخاصة.

وأضاف شكر، وفق البروتوكول المعتمد في جميع المستشفيات، عندما وصلت الطفلة إلى قسم الطوارئ في مستشفى الحريري، تم الكشف عليها. واستنتجوا أن حالتها الصحية كانت سيئة جداً قبل الوصول إلى المستشفى، لأن لون جسدها كان أزرق ونسبة الأوكسيجين بالدم متدنية جداً، أي نحو 50 في المئة. وهذا غير صحي أبداً. لأن تدني نسبة الأوكسيجين إلى هذا الحد يستدعي الدخول إلى العناية الفائقة. وفي المستشفى الأولى اكتفوا بوضعها على الأوكسيجين، ربما لأنهم لم يكن لديهم سرير للعناية خاصٌ بالأطفال المرضى بكورونا، مثلما هي الحال في مستشفى الحريري.

علاج الأطفال صعب
ورجح شكر أن حالة الطفلة كانت صعبة عندما كانت في المنزل. لأن هبوط نسبة الأوكسيجين إلى هذا الحد لا يحصل خلال ساعات. بل ناجم عن تفاقم التهاب الرئتين.

بعد معاينتها في قسم الطوارئ، حيث أجريت لها الفحوص اللازمة، نقلت إلى قسم كورونا الخاص بالأطفال. لكن وضعها الصحي كان متدهوراً. وعمل الكادر الطبي كل ما بوسعه لإنقاذ حياتها، من فترة بعد الظهر ولغاية الساعة الرابعة صباحاً. واستخدموا كل الوسائل المتوفرة والأدوية، حتى الحديثة منها. لكن لم يتمكنوا من ذلك، لأن الرئتين كانت لا تعملان بنسبة 85 في المئة.

وأكد شكر أن علاج الأطفال الذين يدخلون إلى المستشفيات بعد الإصابة صعب جداً. فقد اختبروا هذا الأمر طوال الوقت الفائت في مستشفى الحريري عن كثب. وهذا يستدعي من الأهل أخذ الحيطة لعدم إصابة الأطفال بكورونا، ومتابعتهم جيداً في حال أصيبوا، كما قال.  
المدن