الترسيم مع سوريا... هل تخطو موسكو الخطوة الاولى؟

وال-تكشف اوساط سياسية اميركية مطلعة عن ان الوجود الاميركي في سوريا هدفه القضاء على الارهاب، او بالاحرى على داعش، وليس اي شيء اخر، وان مهمة الوجود العسكري الروسي في سوريا ضبط الوضع باتجاه الحل وتنظيف الساحة من اي وجود عسكري غير سوري والحد من النفوذ الايراني وبسط روسيا سيطرتها بالتعاون مع القوى السورية بعد التحضير للمرحلة الانتقالية.

من هنا، قد يكون ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية مع سوريا من اولويات الاهتمام الغربي مع البحث عن حل الازمة واجراء الانتخابات وترشح الرئيس السوري بشار الاسد الى ولاية جديدة في حال تجاوب مع الشروط المطلوبة منه. مع التشديد على ان ترسيم الحدود وضبطها مهم لتحصين الساحة في لبنان وسوريا وقطع خط التواصل بين ايران ولبنان ووقف تهريب السلاح. وتشير الاوساط الى ان روسيا قد تلعب دورا بارزا في هذا المجال لضبط الحدود. فهل بات ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا قريبا؟

العميد المتقاعد انطون مراد أكد لـ"المركزية" "ان لا معلومات وافية حول الموضوع. إنما ما يمكن تأكيده هو ان روسيا ليست لديها النية بأن تتخلى عن ايران او ان تدخل في مواجهة معها في الوقت الحاضر" لافتاً الى ان تاريخ ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا قديم، ويرتكز على ثلاث وثائق تحدد حدودنا مع سوريا، القرار 318 الذي أصدره المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو في 31 آب 1920، والذي بموجبه تمّ اعلان دولة لبنان الكبير، إنما جاء عبارة عن وصف، والوصف مطاط، لأنه تحدث عن حدود أقضية، ومن ثم جاء القرار 3007 تاريخ 19 كانون الاول 1934، الذي بموجبه تم الحاق ينطا ويحفوفا بدولة لبنان الكبير وبعدها جاء القرار رقم 27 / LR تاريخ 4 شباط 1935 الذي يعالج الحدود بين عين القبو وبير الجباب".

أضاف مراد: "أما الترسيم الفعلي للحدود بين الدولتين فحصل عام 1963 عندما شكل لبنان وفداً لترسيم الحدود والتوصل الى رأي موحد، بما أنه كان هناك يومها رأيان، رأي يقول بأن تتبع الحدود الملكيات اي ان الملكيات التي تتبع لبنان تنضم اليه وكذلك بالنسبة الى سوريا، ورأي آخر رفض الامر لأن الحدود تصبح عندها كثيرة التعرجات. وتوصلت اللجنتان اللبنانية والسورية عام 1971 الى اتفاقية والى وضع خريطة سميت بالخريطة السياسية الموحّدة، تتبع الشكل الصحيح، وبالتالي اذا كان هناك ارض لأفراد لبنانيين تبقى باسمهم لكنها تصبح في سوريا، والتي أقرّها مجلس الوزراء في اجتماع برئاسة الرئيس سليمان فرنجية في إهدن في 18 آب 1971.

وتابع: "ثم توقفت المفاوضات بسبب الحرب، الى ان اعيد تحريك الموضوع في 23 كانون الاول 2008 صدر مرسوم رقم 1040 لإعادة تشكيل وفد برئاسة الامين العام لوزارة الخارجية، لكن هذا الوفد لم يحقق اي نتيحة مع الجانب السوري وبالتالي لم يحصل اي تقدم في المرحلة الحديثة من المفاوضات. كنت من ضمن الوفد وعقدنا عشرة اجتماعات داخلية من دون الجانب السوري الذي لم يحدد لنا اي موعد، وبالتالي لم تحصل اي اجتماعات بين الجانبين. وهذه كانت آخر محاولة. في الخلاصة تم تحديد 31 قضية اي مناطق متنازع عليها، موزعة على 27 منطقة جغرافية".

اما بالنسبة للحدود البحرية، فقال مراد: "ما حصل هو ان سوريا رسمت من جهة واحدة حدودها بموجب قانون رقم 28 تاريخ 19/11/ 2003 ورسمت خط 270 درجة، ثم عاد لبنان فرسم حدوده عام 2009 بشكل أحادي ايضاً دون التوافق مع سوريا، فجاء الفارق بين الخطين 962 كلم مربع. فاعترضت الاخيرة على الترسيم ورفعت شكوى الى الامم المتحدة ضد لبنان، واعترضت على الترسيم اللبناني".

ماذا الذي يدفع الى تحريك ملف الترسيم خاصة البحري مع سوريا؟ أجاب مراد: "بالتوازي مع ما يحصل في الجنوب والمحاولات الاميركية للترسيم مع اسرائيل، تحاول روسيا من جهتها، ان تحجز دورا لها في سوريا، لأن لديها مجموعة مشاريع في المنطقة. وهذا سبب وجود روسيا في سوريا وطبعا بالتنسيق مع الولايات المتحدة إنما ضمن تنافس مضبوط. لذلك، قد تكون لروسيا مصلحة ان تبدأ بالحديث عن ترسيم الحدود لاستمالة لبنان او جزء من لبنان لصالح مشروعها الذي يتنافس مع مشروع الجنوب اي انابيب شرق المتوسط.

ورأى "ان المنطقة تعيش في صراع واي عائق يقف في وجه مشاريع النفط قد يؤدي الى حرب، لذلك دخول روسيا الى سوريا وقبول الولايات المتحدة بالامر هدفه النفط. فروسيا بالاشتراك مع تركيا تنفذ مشاريعها النفطية في الشمال التي من اجلها حصلت حرب ناغورنو كاراباخ في حين ان الولايات المتحدة تؤمن الجنوب واسرائيل او منتدى الشرق الاوسط، وصولا الى جزء من لبنان قد يكون جزءا من الجنوب، ونقصد هنا الثروات الطبيعية وليس الارض"، مشيراً الى "ان الحد من النفوذ الايراني، سيكون مقابل إعطائهم هدية في لبنان، وبالفعل بدأ الحديث عن نظام جديد في لبنان، وقد تكون الشيعية السياسية هي البديلة. لذلك، نجد ان، في الاطار العام، هناك مصلحة لروسيا لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من اجل جر جزء من لبنان الى المحور او الى مشاريعها".

وختم مراد: "في زحمة المشاريع التي تتنافس على المنطقة والصراع الدولي حول الثروات الطبيعية يعطي خطوط النفط والغاز أفضلية مطلقة على الخطوط الحدودية، وقد تشكّل خطوط النفط والغاز مشاريع حروب تؤدي إلى إطاحة الحدود وتغيير خرائط الدول من أجل تأمين طريقها. الأمثلة كثيرة من أفغانستان، إلى العراق، إلى جورجيا، إلى شبه جزيرة القرم، إلى ليبيا، إلى سوريا وأخيرًا إلى إقليم ناغورنو كاراباخ. هل سيكون لبنان العائق الأول أمام مشروع أنابيب شرق المتوسط East Med Pipeline Project".. وهل ستهب رياح الحرب من الحدود اللبنانية؟