هل تتقدّم حسابات الأمن على السياسة في "التمديد"؟

وال-لا جديد رئاسياً. تحتل الجبهة العسكرية صدارة المتابعات محلياً كما هي الحال اقليمياً. الجواب على أي سؤال مرتبط بالرئاسة يفضي الى الاستنتاج أنّ القديم على قدمه سواء في أجواء «الثنائي الشيعي» أو «التيار الوطني الحر» وحتى في اجواء «التغييريين»، مع فرق أنّ الجبهة قد تشكل المعطى الذي سيبنى عليه في نهاية المطاف وإن كان مثل هذا الربط مكروهاً مسيحياً وحتى من جانب حليف «حزب الله» أي «التيار الوطني الحر» الذي يرفض إرجاء الرئاسة إلى ما بعد حسم معركة غزة، وعليه يتوجب أن يستمر في الدفع باتجاه تحريك الملف باستمرار. كمدخل يعتبر «التيار» أنّ انتخابات الرئاسة ستنهي الفراغات في الدولة ومن بينها الفراغ الذي يهدد المؤسسة العسكرية.

‎على خلاف الموضوع الرئاسي فإنّ الجبهة العسكرية قد تكون دافعاً لإبقاء القديم في القيادة العسكرية على قدمه لا سيما متى توسعت رقعة الحرب واضطر لبنان لصد عدوان اسرائيل المتمادي على أراضيه، وليس الاعتداء على السيارة المدنية ووقوع عدد من الشهداء بينهم أطفال الا عينة أو مؤشر يعزز احتمالات الحرب أو الرد الموسع خصوصاً إذا امتدت جبهة الجنوب لأشهر مديدة قد تتجاوز الفترة التي تنتهي في أعقابها ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون.

‎وبينما يعزز الأمن احتمالات التمديد في بلد أبوابه مفتوحة على كل الاحتمالات، فإنّ الأجواء السياسية توحي بالعكس تماماً. تجزم مرجعية سياسية أن لا تمديد لقائد الجيش وتقول حين يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري و»حزب الله» و»التيار الوطني الحر» معارضين لاقتراح كهذا ويلتزم حزب الكتائب الصمت حياله، فهذا يعني أنّ التمديد تعترضه عقبات تحول دونه.

‎بالموازاة تؤكد مصادر سياسية أنّ كل مجالات التمديد مقفلة حتى الساعة، وهي تصطدم برفض عبّر عنه باسيل صراحة، كما عبّر عنه بشكل غير علني الثنائي الشيعي. على طريقته قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لا أشرع à la carte. وهل يمكن تصور موافقة «حزب الله» على اقتراح قانون تقدمت به «القوات اللبنانية» للتمديد لجوزاف عون؟ تسأل مصادر الثنائي مستغربة طرح السؤال من أساسه.

‎وخلال اللقاء الذي جمعه مع باسيل لم يرفض رئيس الاشتراكي السابق وليد جنبلاط تعيين رئيس أركان في الجيش لكنه رفض بالمطلق أن يتولى الشخص الذي يمسك بهذا المنصب المسؤولية كاملة في ظل غياب قائد الجيش الماروني وأن يصبح الجيش تحت إمرة رئيس الأركان الدرزي، قائلاً بصريح العبارة «ما فيني احملها». ما فسره البعض على أنّه ليس تأييداً للتمديد بل هو تجنّب للمسؤولية في ظرف بالغ الصعوبة. وفي بكركي تباحث البطريرك الماروني بشارة الراعي مع باسيل في أسباب رفض التمديد، والخشية من أن ينسحب الفراغ على القيادة العسكرية كما سبق وانسحب على رئاسة الجمهورية وعلى حاكمية المصرف المركزي.

‎وليس الوضع من ناحية الحكومة أقل تعقيداً، اذ تقول المعلومات إنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي طرح الامر على بري فاقترح عليه بتّه حكومياً. رمى الثنائي الكرة في ملعب الحكومة وهو يعلم باستحالة أن يتقدم وزير الدفاع المحسوب على «التيار» باقتراح كهذا وإن كان ليس مستبعداً تقديمه اقتراحاً للحل بدل التمديد.

‎كيف يرضى «التيار» بفراغ في ثالث موقع مسيحي للموارنة؟ تجيب مصادره بسؤال فتقول: ماذا لو وافق «التيار» على صيغة لقائد الجيش؟ متحدثة عن صيغة تؤمن تعيين قائد جيش ورئيس أركان. في حسابات «التيار» أنّ الحلول لم تنفد بعد وهناك مليون اجراء بالوكالة يمكن الركون إليه ويكون مدخلاً للحل لقيادة الجيش ورئاسة الأركان معاً.

‎وتتحدث عن حل يتبلور في الأفق وسيتم الاعلان عنه في الوقت المناسب وهو ليس ببعيد وأنّ البحث بشأنه يجري مع المعنيين به وقد وضعه باسيل في عهدة البطريرك الراعي الذي لم يستفض ببحث الشؤون التقنية بقدر ما استوقفه موضوع الفراغ في القيادة العسكرية أي المنصب الماروني الثالث في الدولة، فجاء الرد من باسيل بأن القانون الداخلي للمؤسسة العسكرية يحميها من الفراغ ويتحدث عن الضابط الأعلى رتبة.

‎نهاية الشهر المقبل يفرغ المنصب الماروني الثالث فيصبح الفراغ شاملاً في كل من الرئاسة الاولى وحاكمية المركزي وقيادة الجيش فيغيب الموارنة عن الدولة بمفاصلها الأساسية. الموضوع يتطلب استنفاراً للقوى السياسية المسيحية التي لن تقبل بالفراغ وتتهيبه. احتمالان لا ثالث لهما: إمّا يحصل اتفاق سياسي ضمن صفقة كاملة متكاملة للتعيينات في اللحظات الاخيرة وهذه واردة وتطبخ بهدوء، ونجاحها على المحك. وإمّا يحتل الوضع الأمني الأولوية فيتقدم على القرار السياسي ويقع التمديد بحجة لا حول ولا قوة.


نداء الوطن